السبت، 13 أغسطس 2011

سنابل القمح في غزة يحصدها الرصاص

سنابل القمح في غزة يحصدها الرصاص
الاربعاء, 16 يونيو 2010
غزة - «الحياة»

بين الكر والفر ووابل من الرصاص، تنحني وتستقيم قامات مزارعات بلدة خزاعة على الحدود الشرقية لمدينة خان يونس في قطاع غزة، حيث سنابل القمح تنتظر حصادها قبل أن تجف مع نهاية الأسبوع الجاري.

وتتحدى المزارعات رصاص جنود قوات الاحتلال الإسرائيلي الذين سرعان ما يطلبون دعماً، تتجمع معه سيارات عسكرية على حدود الخط الأخضر، لمراقبة المزارعات والمنطقة المحيطة وإطلاق الرصاص عليهن في حال تجاوزت خطاهن الثلاثمئة متر التي فرضتها بقوة النيران مع بداية العام الماضي كحزام أمني داخل أراضي القطاع يمنع تخطيه.

وتتوجه، عادة، لمساندة المزارعات مجموعة من المتضامنين الأجانب يرتدون سترات فوسفورية كي يتعرف إليهن الجنود الإسرائيليون في سبيل حماية حياة هؤلاء المزارعات. وغالباً ما كانت تنجح هذه الخطط في تمكينهن من حصد القمح، وكذلك الأمر مع مزارعي الفراولة والحمضيات الذين تقع أراضيهم على حدود الحزام الأمني في شمال القطاع.

لكن الوضع يبدو اليوم مختلفاً، إذ أطلقت قوات الاحتلال وابلاً من الرصاص على المزارعات، مراراً وتكراراً. إلا أن متضامنة تدعى بيانكا وقفت تمسك مكبراً للصوت تخاطب به الجنود الإسرائيليين قائلة: «أتينا للزراعة فلا تطلقوا النار».

وجعل إصرار جنود الاحتلال على إطلاق الرصاص لفرض الحزام الأمني، حصاد القمح هذا العام مغامرة حقيقية، كما جعل ساعات العمل يتخللها عدد من الاستراحات الاجبارية حتى يخف إطلاق النار فيرجع الجميع إلى مكانه.

وتقول المزارعة أم محمد أبو طعيمة (43 عاماً) إن «اليوم (أول من أمس) هو الأخير في موسم حصد القمح، ولن نستطيع الوصول إلى الأراضي القريبة من الحزام الأمني»، على رغم اقتطاعه الأرض الزراعية التي لا تزال مزروعة بالقمح. وأضافت بحزن: «سنترك السنابل تجف ولن نستطيع حصدها هذا العام بسبب العنف الذي يتعامل به معنا جنود الاحتلال، على رغم وجود متضامنين دوليين».

وتبدو أم عصام أبو طعيمة (44 عاماً)، التي تصطحب معها ابنتها وابنها لحصد القمح، فخورة بما تمتلكه عائلتها من دونمات من القمح التي كانت في ما مضى أشجار حمضيات جرفها الاحتلال في سنوات سابقة، لكنها تقول: «نواجه خطر الموت كل عام عند زرع القمح، وأيضاً بعد ستة شهور حين تنضج السنابل وتحتاج إلى حصد، لكننا نفعل ذلك كل عام ونتحمل خطر الرصاص والقذائف والحر الشديد لتوفير لقمة العيش».

وتقول المتضامنة بيانكا التي أصيبت قبل نحو شهر برصاص الاحتلال في الجزء العلوي من ساقها حين اقتربت من الحدود مع مزارعين من مخيم المغازي للاجئين: «لم تعد ساقي تؤلمني، وبمجرد أن شفيت ركضت الى أراضي المزارعين في منطقة الحزام الامني كي أساعدهم، لأنني أشعر بأن هذا أقل شيء يمكن عمله لأهالي غزة».

وأضافت لـ «الحياة» أن «المزارعين يتصلون بنا عبر مجموعة من المؤسسات الأهلية، كي نتوجه معهم إلى أراضيهم لأنهم يشعرون بالخوف من أن يقتلهم الجنود، وهذا يحدث كل شهر تقريباً، وعلى الفور نتوجه معهم، فالشهر المقبل، على سبيل المثال، سنحصد الجوافة وبعض الحمضيات من أراضي مزارعي منطقة الفراحين» في بلدة عبسان شرق خان يونس جنوب القطاع.

وأشارت الى أن الطريقة التي يتبعونها للتعامل مع الجنود هي «عبر مكبر الصوت في حال بدأوا في إطلاق النار، ونخبرهم أننا جئنا فقط للزرع أو الحصاد، ثم نصمد في وجه الرصاص ونحمي المزارعين، ونتنقل معهم، لكن في حال كان الرصاص جنونياً كما حدث اليوم، ترجع إلى اذهاننا صورة ريتشل كوري (المتضامنة الأميركية التي سحلتها جرافة عسكرية إسرائيلية في مدينة رفح العام 2003 أثناء محاولتها منع هدم منزل أحد الفلسطينيين) والظلم الذي تعرضت له فننسحب جميعاً».

ليست هناك تعليقات: