الخميس، 4 أغسطس 2011

افراح فلسطينية



و كذلك يهنئن أمه و أخواته بهذه الحناء :
لشان أمه حبيت اهني و اغني لشان أمه
على كمو و ارش قناني العطر على كمو
لأخواته جيت أهنئ و اغني لأخواته
على بدلاته و ارش قناني العطر على بدلاته
و توظف الأغاني التقليدية لهذه الليلة كأغنية ظريف الطول مثلاً :
و الليلة غني يا ظريف الطول
و أبو العيون السود هل تقابلنا
هذي مليحة سلايلها على راسي و تحالف عموماً ليلة الحناء لدى النساء في بيت العروس جو الفرح الذي يشيع احتفالات العرس الشعبي و تحمل في ثناياها طابع الحزن على فراق العروس .ليلة الشمع في المدينة تقابل ليلة الحناء في القرية .
يـــــــــوم الزفـــــــاف
تكاد القرية بأكملها و العائلة و أصدقائها و جيرانها في المدينة ينشغلون بإجراءات يوم الزفاف نظراً لتعدد الإجراءات و تشعبها . فمنذ الصباح الباكر تبدأ عملية إعداد وليمة العرس بذبح الذبائح و إعداد اللحم و طبخ الطعام . و يتعاون الرجال و النساء في
إعداد الغداء و اثناء وذلك قد يتسلون بالغناء أغنيات شعبيه تعبر عن كرم
أهل البيت و إطعام الضيف الصفة البارز لدى أهالي الخليل مقر أبو الضيفان.
و قبيل الظهر يقوم الشبان بمساعدة العريس على الاستحمام و إلباسه ثيابه
الجديدة المزينة بالورود و رشة بالعطور ، و عند خروج العريس من مكان
الاستحمام يستقبله جمهور الشبان الذين ينتظرون تلك اللحظة في الخارج مازجين بصوت رجولي حماسي :
طلع الزيــن من الحمــام — الله و اســــم الله علـــــــيه
و رشوا مــــن العطر عليه — و كل ارجــــاله حواليــــــه
و قد يهيئ الرجال العريس نفسياً للمستقبل الذي ينتظره و دعوته إلى تحمل المسؤولية القادمة قائلين :
شن قليله شن قليله — من هالليلة صـار لـه عيلـه
تهيأ يا تخت اتهيأ — نوم الصبايــــا غيــّا
قليّ عقلي و تجوز — و اجوزت مره زيــــنه
حبل الزين و جاب أولاد
صاروا يقولوا يا بابا– بدنا حلاوة منفوشة
و بعد الغناء يذهب أهل العريس من نساء و رجال لإحضار العروس و في
بيت أهلها تبرز مشاهد عديدة أولها قدوم أهل العريس ليأخذوا عروسهم و تغني
قريبات العروس مناشدة أهلها و رجالها ان يتمسكوا بابنتهم و ان يخرجونها
بعزه و ذلك بتنقيطها و إكرامها بالأموال و الهدايا .
و أربع خواتم في أيديها — و الخير منكو بيجيهــا
و أربع خواتم في أصابعها– و الخير منكو يتبعهــا
و تقول نساء حلحول :
يا ربي أبوي يحلف عليّ الليلة — و أنا العزيزة أنام وسط العيله
يا ربي أبوي يحلف علي أبات — و أنا العزيزة و أنام وسط أخواتي
و عند قدوم أهل العريس لأخذ العروس تغني النساء مؤكدة العلاقة الوثيقة التي سوف تربط العائلتين المتصاهرتين و على أسباب هذه المصاهرة و أهمها الأصل الجيد و الحسب و النسب .
نسايب نسايب ديروا بالكوا لينا — ما دورنا على الزين على الأصل حطينا
نسايب نسايب ديروا بالكوا لــيّه — ما دورنا على الزين دورنا على ألا صيله
كذلك يؤكد على حسبها و كرم العري بقواهن :
ياجالب الزيت حطي الزيت في الجره — هذي مليحة و سلايلها على راسي
و عندما تنزل العروس عن اللوج بمساعدة ولي أمرها و رجال عائلتها تغني النساء من أهل العريس انهم لم يقصروا في حق العروس و أهلها و لذا عليها ان تكون فرحه بالانتقال لبيت الزوجية قائلين :
تع اطلعي تع اطلعي مـــــن حالك– و إحنا حطينا حقوق ابوكي و خالك
تع اطلعي تع اطلعي مــين يمـــــك — و إحنا حطينا حقوق ابوكي و عمك
لا تحسبونا يا اجاويد من عد المال زلينا — عدينا السبع تلاف و عنفيرنا عنفيرنا
لا تحسبونا يا اجاويد من عد المال عبسنا — عدينا السبع تلاف و على الكراسي جلينا
و بعد خروج العروس من بيت أهلها يشكر المغنين أهل العروس قائلين :
يخلف على أبو فـلان — يخلف عليه خلفـــــين
طلبنا النســــب منه — أعطانا نباته الثنتـــين
يخلف عليكو كَــثّر الله خيركوا– َلفينا البلد ما لاقينا غيركوا وفي الطريق تتسلى النساء بالغناء قائلات :
–على الجزيرة –على الجزيرة
–شدوا الرحال اليوم
–على الجزيرة
–حلوه و أميره –حلوه و أميره– عروستك يا فلان –حلوه و أميره
و يستمرون في هذه الأغنية التي يتغنون فيها بالوطن ، و قد طورت كل منطقة من مناطق المحافظة أغنية خاصة بها و بأركانها . فتقول نساء حلحول :
على واد قبون شدوا الرحال اليوم — حلوه و مزيونه عروستك يا فلان*
على واد الزرقا شدوا الرحال اليوم– على واد الزرقا يا ما حلى الملقى في ظلالك
و عندما تصلن الى بيت العرس و تنزل العروس اليها تغني لها النساء :
دحرج حب البامية يمـــة دحرج — فلان* صاد الغاوية و روّح يضحك
دحرج حب البندوره يمه دحرج — فلان صاد الغندورة و روّح يضحك
كذلك يباركن لأنفسهن بها و يتمنين لها البقاء بينهن من خلال انجابها للذكور في عائلتهم قائلات :
مـبروكة يـا عروس علـينا علـيـنا — تبكري بالصبي يلعب حوالينا
مبروكة يا عروس على السلف و السلفة– تبكري بالصبي و تكثريّ الخلفه
وبعد ان تجلس العروس قليلاً تنزل عن اللوج و تنتظر في غرفة بعيدة عن المدعوين لتنتظر العريس و قدومه يحضر العريس يزفه الشباب قائلين :
قال العريس يا ياما — الدهر بيعود
و ارمي حملك علىالله و انا القاعود قال العريس يا ياما — الدهر ميال
و ارمي حملك على الله و انا الشيال
وبعد خروج الرجال او ايصالهم العريس الى منطقة النساء تخرج العروس وجهها مجلالا و مغطى بالطرحة و تحمل فييدها قران مزين بالورود و القماش ، و تبدأ تغني لها النساء
ما يسمى "بالتجلايه" و قد يكون سبب هذه التسمية تجليل العروس على وجها او
حتى اجلالاً للقران الكريم المقدس الذي تحمله العروس . وتغني النساء غناءً جماعياً حانياً يهدئ روع العروس التي تكون في حالة نفسيه صعبه و ذلك لقلة الاختلاط في
المجتمع الخليلي و محافظته على تقاليده و عاداته و تمسكه بشعائره الدينية ،
و قد نكون هذه المرة الاولى ستختلي بها هذه العروس برجل لم تكن تعرفه من
قبل.فيقلن :
يا ناس صلوا على محمد نقرأ و نصلي على الحبيب
بنت الأمارة لبست البدله من بيت أبوها لحرم الخليل
بنت الأمارة لبست البدله من بيت أبوها لبيت العريس
و يلاحظ هنا المرادفات اللغوية ذات الدلالات الديتية والاشارة للأماكن المقدسة (الحرم الابراهيمي)
الزغاريــــــد و المهــــاهــــاة
لقد كانت الزغروده او المهاهاة في العرس الخليلي هي التوأم الحقيقي لها في
حين كانت الاغنيه تلهي مغننيها و مستمعيها بالاداء و اللحن كانت الزغرودة
تعيدهم الى الخلاصه الحقيقية للحدث. و قد لاحظت الباحثه استخدام اهل
المدينة كلمة " زغرودة " لتعبر عن النص الشعري او النثري الذي تصدره احدى النساء لتأكيد حدث او شخص او مكان في المدينة و تقابلها المهاهاة في القرية. و قد كانت الزغروده تبدأ ب " أوي ها … ." في حين كانت المهاها تبدأ "هاهي …. " و لعل لهذه صيحة تذكرنا بصيحات النداء في الحرب و النصر التي تنتشر في
الشعوب البدائية ، و بذلك هي صيحة تحرر المرأة الخليلية من قيود العادات و
التقاليد و الدين مغلفة بالقبول الاجتماعي العام ، وتنقسم هذه الصيحات "
الزغاريد و الهماهاة " الى اقسام عديدة تدل عليها و هي :
1.الحدث : فهناك احداث عديدة في
الزفاف تحدث للوصول لمرحلة يوم الزفاف تدل عليها الزغرودة و تؤكد على
حدوثها و حتى على تفاصيلها و منها على سبيل المثال عند حضور العروس الى بيت
العريس :
هاهي الناس لستغنوا خزنوا قمح و زيت و ابو فلان لستغنىجاب العرايس للبيت .
2. عند ازالة العريس الطرحة عن وجهه العروس :
هاهي جلجلي على جلجلي بنت الكرام بتنجلي و السيف حد جبينها و البيت منها بيرهجي . 3. سماح اهل العريس لأهل العروس بأخذ العروس :
خذوها يا دار فلان خذوها و انتو الكسبانين هذي بنت دار ابو فلان بتنهدي للسلاطين .
1.
ذكر صفات العروس و التي تؤكد على جمالها و حسبها و نسبها أوي يا يا عروس يا ملكة
يا لـولـو في الشـبكة
يسعد البيت اللي رباكي
و يطرح لعريسك البركة
2. ذكر صفات العريس و توصيته بالعروس
نادولي ها العريس لاقشع حلاته ، و اقشع بياض عنقه مع جوز شاماته ارفع عي و اقشعها ، و كل ما قالتلك كلمه اسمعها
و كل المال اللي حطيتوا ما بيسوى راس اصبعها
3. الاشادة بوالدي العروسين و اقاربهما و الترحيب بالضيوف الكرام ( للعروس ) :
ارفعي راسك منك يا فاخرة زي امك خالتك ما سبوها و لاقالوا عنك
4. الاشارة للدلالات الاجتماعية والسياسية و الرموز الدينية
يا ابو فلان يا شربة البنور و الورد حابك بابها
و حلفوا مشايخ ميس ما يـــشربوا الا مـن بــابها
مبارك مبارك سبع بركات كما بارك محمد على جبل عرفات


الأعراس الفلسطينية.. نكهة التراث رغم الاحتلال

وهذا إحنا ما بين جزر وبين مدا مثل موج البحر أخذ وعطا
أبيات رددها أجدادنا الفلسطينيون في الزمن الجميل قبل النكبة واللجوء، البال الهادئ، كمن يرى العاصفة خلف الهدوء، والأسى بعد الفرح.
لكن الأمل لن ينقطع "مثل موج البحر أخذ وعطا" فيوم
لك، ويوم عليك، وإن كان اليوم علينا فالغد لنا، والأمس أيضًا، ذلك الأمس
نطل عليه، ننصت -رغم ضجيج الموت حولنا- لشدو أفراح الراحلين، نقطف زهرًا من
حدائق تراثنا الشعبي المفعم بالأمل والفرح.
ولئن كان عروسنا اليوم يغتنم ساعتين يُرفع فيهما
منع التجوال ليخطف عروسه مشيًا على الأقدام، أو بسيارة إسعاف -إن حالفه
الحظ- لتزف إليه على وقع همس أغنيات خائفة ترددها بضع نسوة حوله على عجل
قبل أن يكشفهم المحتلون متلبسين بالفرح الممنوع، فإن العرس في تراثنا كان أجمل يوم لم تخنقه حواجز الاحتلال ورصاصه وحصاره
من عبق التراث!!
تميز العرس الفلسطيني بأغانيه الشعبية التي ينظمها ويلحنها شعراء القرية أو المدينة الفلسطينية، والتي تعكس الحالة النفسية لأهلها والعادات والتقاليد الاجتماعية، وهي الإرث الذي يتوارثه الأبناء عن الآباء بكلماته وألحانه.
وتشكل الأغاني الشعبية حلقة الوصل بين الماضي والحاضر، وتعلق المواطن الفلسطيني بأرضه، وحبه الشديد لقريته، وحرصه على حماية تراثها. وتحفظ هذه الأغاني شخصيته وعواطفه وهمومه باللهجة العامية المتداولة في كل قرية أو مدينة، وتمدح شباب هذه القرية ونسبها وحسن نباتها. وإن كانت بعض الأغاني تشترك فيها كافة المدن والقرى الفلسطينية مثل "الدلعونة يا ظريف الطول"، وكذلك "الهاهات والعتابا"، ولكل واحدة من هذه الأغاني موضع معين تقال فيه في
الأعراس وفق مراحل الزفاف، ويصاحبها الدبكة الشامية على نغمات الشبانة
(الناي)، ويقوم بأدائها مجموعة من الشبان والصبايا، ويكون على رأس هذه
الفرقة اللويح الذي يحمل منديلاً مجدولاً يقود الفرقة وينظم حركاتها، ثم
ينفرد اللويح بعد الانتهاء من مقطع "على دلعونا" عن المجموعة ويقوم بحركات
رشيقة ملوحا بمنديله ومتجولا أمام الحلقة
طلع الزين من الحمام!!
ولم تترك الأغاني الشعبية موضعًا في العرس الفلسطيني
إلا تناولته لتحفظ للعرس نكهته ونظامه بدءاً بذهاب العريس إلى الحمام، حيث
يستأجر أهل العريس الحمام ليستحم العريس ومعه الشباب، ثم خروجهم منه في موكب الزفة يرددون:
طلع الزين من الحمام الله واسم الله عليه ورشوا لي العطر عليه
عريسنا زين الشباب زين الشباب عريسنا
ومن الأغاني التي كانت تردد على إيقاع رقصة السحجة:
ع اللام لاموني أصحابي في حبه حكوا عليه
ع الميم ميلي يا نفسي وفراقه يصعب عليه
ع النون نهوني أهلي في حبه وغضبوا عليه
ع الهاء هالت دموعي وفي حبه زادت عليه
ع الواو ودعت أحبابي وتصعب الفرقة عليه
ع الياء يا ربي صلي ع محمد زين البرية
أما
عندما تصل العروس إلى بيت عروسها تردد النسوة لحظة وصولهما لعش الزوجية
المرتقب، وهن يوصين عروسها بها خيرًا ويلقنونه دروس الحياة الزوجية السعيدة
ويحذرنه من حماتها:
هذي ضيفتك يا عريس هذي ضيفتك حييها
لا تسمع من كلام أمك هذي جاهلة ربيها
هذي ضيفتك يا عريس هذي ضيفتك كرّمها
لا تسمع من كلام أمها هذي جاهلة علّمها
ابن العم زينة راسي
وتتجلى العادات والتقاليد الفلسطينية بشكل واضح في الأغاني الشعبية، حيث الحمية القبلية والعشائرية مسيطرة، وخاصة في القرى والمدن الفلسطينية
قبل تهجيرها، بعض هذه القرى ما زالت متمسكة بهذه العادات حتى اليوم، مثل
كراهية زواج البنت خارج القبيلة أو القرية لاعتبارات ذات صلة بوضع القبيلة
أو العشيرة، فالبنت التي تتزوج خارج القبيلة في حاجة لأن يقوم أهلها بزيارتها في
كل مناسبة وحمايتها من كل ضيم قد يقع عليها؛ لأن التركيبة الاجتماعية
المغلقة تعتبرها مثل المرأة الغريبة وتعتبر أن أمر تأديبها يعود إلى أهلها
وليس على زوجها، وكان الناس يخشون أن يصيب ابنتهم في الغربة أي سوء، كأن يعتدى عليها، وفي
هذه الحالة تعود السمعة السيئة والفضيحة على مجموع القبيلة وليس على والد
البنت وأخيها فحسب، ولذلك عززت العديد من الأغاني الشعبية زواج البنت داخل
القبيلة حتى قيل: "غريبة ما غربها إلا الدراهم"، فالمعروف أن العريس الذي
يتزوج من خارج قبيلته يدفع مهرًا أكبر؛ ولذلك تغني النساء عند الزواج بالغريبة بالدعوة بالموت على "العريس":
الغريب يا خدرج يا ريتو في الكفن يدرج
ابن عمي يا شعري!!
وفي
مقابل الذم والشتم الذي يقع على خاطب الغريبة، تكال المدائح والأهازيج
لخاطب ابنة العم، وتؤكد كاملة بصل (70 عامًا) مهجرة من الجورة "عسقلان" أن
النسوة تشدو عندما تتزوج الفتاة بابن عمها بقولهن:
يا ابن العم يا شعري على ظهري
إن جاك الموت لارده على عمري
يا ابن العم يا ثوبي علي
إن جاك الموت لارده بيدي
يا ابن العم يا ثوب الحرير
لحطك بين جناحي وأطير
فابن العم في التراث الفلسطيني
هو جزء من ابنة عمه مثلما يكون شعرها التي تتزين به أو ثوبها الذي يسترها،
وكلا الزوجين يحافظان على سمعة العائلة وشرفها بخلاف الفتاة من خارج
العائلة التي تعتبر جسمًا غريبًا، ولا يهتم أهل القريبة في حالة وقوع خطأ في سلوكها؛ لأنها ليست جزءاً من كيان العائلة وخطأها مردود على أهلها.
وما زالت العديد من العائلات الفلسطينية
متمسكة بعادات الزواج من نفس العائلة أو من نفس قريتها التي هجرت منها رغم
مرور ما يزيد عن أربعة وخمسين عامًا على الهجرة التي لم تستطع أن تمحو من
أبناء الجيل أسماء وعادات قراهم. وأول أمر يسأل عنه الشاب عند خطبة الفتاة
هو القرية أو المدينة التي هجّر منها، ورغم أن بعض العائلات الفلسطينية أخذت تتجاوز هذه العادة باعتبار أن الجميع يعيش في
معسكر واحد للاجئين، فإن بعضها لم يسجل إلى الآن أي زواج لفتياتهم من خارج
العائلة وما زالوا يورثون الأبناء العديد من الأمثلة الشعبية التي تؤيد
ذلك.
ويوضح أبو أحمد تربان -بدوي الأصل مهجر من بئر السبع- أن بدو
فلسطين ما زالوا يرفضون تزويج فتياتهم من غير البدو، والمثل يقول: "ابن
العم ينزلها عن الفرس" دليل على أن ابن العم أحق بابن عمته حتى ولو أوشكت
أن تصبح عروسًا وتزف إلى "عريسها" على ظهر الفرس.
وكذلك قولهم: "بدوي نعطيه، وفلاح لو كان نبي ما نعطيه" فإن ابن العائلة لو كان أسوأ الرجال فهو مقدم على الغريب وإن كان نبيًّا!
اخطب الأصيلة!!
"المال، الجمال، الحسب، الدين" لهذه الأسباب الأربع تنكح الفتاة، إلا الفتاة الفلسطينية في التراث الفلسطيني فإنها تنكح لحسبها ونسبها بغضّ النظر عن جمالها أو غناها، وتضيف بصل: "تغنى الفلسطينيون بنسب العروسة وأصالتها؛ لأنه المعيار الحقيقي للزواج وليس الجمال الذي أصبح معيار الزواج الحديث، فقالوا في أغانيهم الشعبية في زفة العريس:
هذي الأصيلة وبنت الأصايل
وهذي التي لا نقال عنها ولا جرى
ولا تعيّرت شبابها في المحاضر
ولا حد عيّرها ولا حد عابها
حيد ولا توخذ بنات النزايل[1]
لا تؤخذ إلا البنت لو كانت الشمس أمها
والبدر أخوها والهلال ابن عمها
عماتها يا زين ما حدا مثلهن
وخالاتها يا زين مثل نجوم الزواهر
ولم تكتفِ الأغاني الفلسطينية بنسب الفتاة من والدها، بل وبحثوا عن نسبها من والدتها فقالوا: "ابحث عن خال لولدك"، كما نقّبوا عن أصل العريس وشجاعته:
عريسنا عنتر عبس عنتر عبس عريسنا
يا بنت يللي في السما طلي وشوفي في فعالنا
ورغم الحالة الاقتصادية السيئة التي كانت تعاني منها بعض القرى الفلسطينية، فإنهم لم يعيروا اهتمامًا للمال، بل إنهم يدفعون المال الكثير ليفوزوا بنسب أهلها فقالوا:
عدينا المال في فيّ التفاحة[2]
نسبنا رجال وأخذنا الفلاحة
عدينا المال في فيّ الليمونة
نسبنا رجال وأخذنا المزيونة
خرزة زرقة
"خرزة زرقا ترد عنك العين" هكذا كان يعتقد الفلسطينيون
أن الخرزة الزرقاء يمكن أن تمنع الحسد عن العروسين، وأكملت الحاجة بصل:
"العديد من الأغاني الشعبية تحمل الأفكار التي كان يعتقد أهل القرية أنها
يمكن أن تحمي العروسين مثل:
أويها اسم الله عليك واحدة والثانية تنتين
والثالثة خرزة زرقا ترد عنك العين
يا عبدة يا حبشية يا غصين البان[3]
عريسنا بدو يطوف طقوا يا عدا
واحنا زرعنا القرفة آه يا القرفة
عريسنا بالزفة طقوا يا عدا
ولم
تكن الخرزة الزرقاء وحدها موضع التبرك، فقد صاحب هذه الخرزة أو سبقها أمور
أخرى، فمثلاً بعد الانتهاء من حفلة الزفاف تحضر والدة "العريس" الخميرة
(قطعة عجين) تضم ورق ريحان وورد ليلصقها العروسان على مدخل بيتهما للتبرك
بها وسط غناء ينم عن حمد الله بانتهاء ليلة الفرح بدون أحزان:
الحمد لله قد زال الهم الحمد لله
زرعنا قرنفل بالحر الحمد لله
قالوا عدانا ما بخضر الحمد لله
الحمد لله بنينا دار الحمد لله
الحمد لله انتلت عرسان الحمد لله
الفرح له والوداع لها !!
"للعروس الوداع ودموع الفراق، وللعريس الأغاني والفرح" هكذا فرق التراث الشعبي الفلسطيني
بين العروسين، فأغنيات الفرح حكر للزوج "الرجل"، أما العروسة "المرأة"
فلها كل أغنيات الوداع والدموع على الفراق، ويبقى بيت أهلها حزينًا حتى
ليلة الحناء وتردد فيه أغان حزينة:
صاحت رويدي رويدتها رويدتها
رفقات العروس تعالوا تانودعها
واحنا نودع وهي تسكب مدامعها
خيتا يا عروس لا تبكي وتبكيني
نزلت دموعك على خدك حرقتني
كما تعكس بعض هذه الأغنيات بوضوح حزن الأم ولوعتها لفراق ابنتها:
لا تطلعي من بويتي يا معدلتي[4]
يا مركنة أذيال بيتي مع مصطبتي
لا تطلعي من بويتي غيرت حالي
لا تطلعي من بويتي والهوا غربي
يا طلعتك من بويتي غير حالي
بينما يقيم "العريس" ليالي "السامر" "التبايت" قبل أسبوع من ليلة زفافه في القرية وثلاث ليال في المدينة وتشارك فيها النسوة ورجال العائلة بينما تمنع العروس من حضورها ويقال فيها:
دير الميه ع السريس[5] مبارك عرسك يا عريس
دير الميه ع الليمون مبارك عرسك يا مزيون
دير الميه ع التفاح مبارك عرسك يا فلاّح
ولئن أفلحنا بعرض بضعة زهرات من حدائق تراثنا الشعبي، فإن فيه الكثير مما لا يتسع المقام لذكره هنا، فلكل مناسبة فيه أغنية، بل وفي ثنايا المناسبة أكثر من أغنية، وليس هذا فحسب، وكل قرية ومدينة من فلسطين لها ما يميزها عن غيرها في أغانيها وأفراحها التي ما زال يتوارثها الأبناء عن الآباء رغم مرور أربعة وخمسين عامًا على النكبة وإجبار القرى والمدن //www.maktoobblog.com/search?s=%D8%A7%D8%BA%D8%A7%D9%86%

ليست هناك تعليقات: