الأربعاء، 28 سبتمبر 2011

الانزياح في الشعر الحديث

الانزياح

النص المساعد:

جاء في قصيدة "رحل النهار" لبدر شاكر السياب:

"الأفق غابات من السحب الثقيلة والرعودْ...

الموت من أثمارهن، وبعض أرمدة النهارْ

الموت من أمطارهن، وبعض أرمدة النهار

الخوف من ألوانهن، وبعض أرمدة النهارْ

رحل النهار

رحل النهار..."

تعاريف:

العلامة اللغوية:

العلامة اللغوية تتكون من وجهين متلازمين لا ينفصلان، هما "الدال" و "المدلول" اللذان يحيلان على شيء في العالم الحقيقي أو الخيالي وهو ما يطلق عليه بالمرجع.

خذ أي كلمة سابقة وقم بتحليلها: كلمة "غابات" مثلا من الناحية الشكلية تتكون من مجموعة من الحروف أو الأصوات (غ+ا+ب+ا+ت)وهو ما يسمى بالدال، في حين فإن المعنى ينصرف إلى مجموعة من الأشجار تؤلف وحدة متجانسة نعني بها غابة وهو ما يعبر عنه بالمدلول ، لاحظ أن الدال يختلف بين اللغات :

سحب=nuages=clouds=Wolken

الانزياح:

الانزياح في اللغة معناه الذهاب والتباعد، وفي الاصطلاح هو خرق المألوف في اللغة العادية والخروج عنه، أو خرق توقع المتلقي أي أفق انتظاره، لكي تفهم جيدا خرق التوقع أو تكسير أفق الانتظار أضرب لك المثال التالي:

كنتَ في البيت فطرق الباب....

أعتقد -أنا وأنت- أن الطارق لن يكون إلا إنسانا عاقلا، فتوقعي وتوقعك يبنى على هذا لأنه العادة السائدة...

حسنا فتحت الباب، فوجدت قطة أو كلبا... هذا شكل من أشكال كسر التوقع، لأنك لم تكن تنتظره، يمكن اعتبار هذا الشكل -توسعا- انزياحا.

جملة "رحل النهار" على سبيل المثال تكسر التوقع، لاحظ أن الرحيل هو فعل يتوقع في العاقل، لكنه هنا أسند إلى غير عاقل "النهار"، ليدل على معنى جديد أكثر إيحاء وحركة. لاحظ مرة أخرى العلاقة بين مكوني الجملة بين الفعل وفاعله، إنها علاقة تحاول خلق انسجام بين عنصرين متباعدين وهو ما نسميه بلحظة التوتر أو التنافر بين المكونين.

الانزياح إذا ينطلق من لحظة التوتر، ليخلق المتلقي الانسجام في الخطاب، إن دور المتلقي هنا مهم جدا، (لاحظ عزيزي القارئ كم نحن مهمين -أنا وأنت- ) .

للانزياح مجالات متعددة قد تكون على مستوى الإيقاع وهو ما يسمى الانزياح الإيقاعي ، أو على مستوى التركيب بين المسند والمسند إليه....

للانزياح وظيفة جمالية تمكن الشاعر من فتح آفاق واسعة للتفاعل والتواصل ...

ليست هناك تعليقات: