الأربعاء، 27 يوليو 2011

الأشكال الفنية في الأغنية الشعبية الفلسطينية

الأشكال الفنية في الأغنية الشعبية الفلسطينية
تميز مجتمعنا الفلسطيني حاله كحال باقي مجتمعات بلاد الشام بكثير من الفنون الشعبية التي توارثتها الأجيال جيل بعد جيل . وبما أن الفنون الشعبية تشمل فنون مختلفة وكثيرة نورد اليوم مايخص الأغاني الفلسطينية بشتى اتجاهاتها الفنية وأشكالها المتنوعة.
تتنوع الأغاني الشعبية الفلسطينية في مضامينها ومناسباتها وأغراضها، وكذلك في أشكالها الفنية، ولعل أبرز الأغاني الشعبية تنحصر في الأشكال الآتية:
1 - الموال بقِسْمَيه: العتابا، والميجانا.
2 - القصائد الشعبية أو الشروقيات.
3 - أغاني الدَّبكة.
4 – الحداء.
5 - أغاني الزفة ومنها ما هو خاص بالرجال، ومنها ما هو خاص بالنساء.
6 - الزَّجل بأنواعه.
7- التحنين
8- النياحة"اذا جاز لي أن أعتبرها ضربا من ضروب الفن الشعبي "
أولاً: الموَّال:
وهو لون من ألوان الغناء الشعبي واسع الانتشار في فلسطين وفي بلاد الشام وينتشر في الأرياف، حيث يتغنى به الرعاة والحرَّاثون والحصَّادون.
وينقسم الموال من حيث أشكاله إلى قسمين:
أ- العتابا: كلمة مشتقة من العتاب الذي يكثر في هذا النوع من الغناء، ويشكل بيت العتابا وحدة معنوية كاملة، ويعتمد على فن بديعي جميل هو الجناس، وهو أخف لغة وتراكيب من الميجانا، ويقال: إنه نشأ زمن العباسيين حيث أطلق على بعض الأشعار التي غنتها جارية البرامكة عندما نكل بهم هارون الرشيد، بينما يُرْجِع البعض هذا الاسم إلى أن العتاب كان في يوم ما أبرز موضوعات هذه الأغنية.
ويتركب بيت العتابا من بيتين أو من أربعة أشطر على أن تكون أعاريض، الأشطر الأول والثاني والثالث قائمة على جناس واحد وتلاعب لفظي، ولعل هذا الأمر من أهم القواعد التي يسير عليها هذا اللون من الغناء، بينما يلتزم الشطر الرابع قافية أخرى مغايرة، ويمهد الموال العتابا بكلمة (أوف)، ويتفنن المغني في تمديد وتمويج صوته حسب قدراته الفنية.
نماذج للعتابا:
وعد بلفور هالْمشؤوم جاير على الرهبان والإسلام جاير
ملوك الغرب ما فيهم حساب تناسى العدل وأضحى الظلم جاير
_________
حبابي اللي يبروني وابرهم وما يقطب جروحي غير ابرهم
ياطارش روح بلغني خبرهم بعيدين النزل ولا اقــــراب
_____________
أنا لابكي وبكّي بعاد وقراب ومن دمع عيني لملّي ظروف وقراب
متى ياظعن لحباب تقرََب واجازي اللي في غيبتنا اشتفى
______________
نزل دمعي على خدي حرقني مثل زيت بالمقلى حرقني
أنا تمنيت ربي ماخلقنـــي خلقني للمرارة والعذاب
وفي عتابا أخرى:
أنا لكتب سلامي بحبر جاز على اللي خلو حوالي ماتنجاز
وبأي شرع وفراقكم جـاز وبأي كتاب حللّتو الجفــا
وفي عتابا ثالثة:
على روح شهدا الأوطان اقروا الفاتحة يا إخوان
كل واحد منا عز الدين* وسجل عندك يا زمان
ب - الميجانا: وهي الشكل الثاني من أشكال الموال وهو لازمة (للعتابا) ويعني في اجتماع أو سهرة كإجراء يهدف إلى تشجيع مغنٍّ خجول ومساعدته في التغلب على خجله فيندفع بعد ذلك للعتابا، وينتشر هذا اللون من الأغاني الشعبية في الريف انتشارًا واسعًا، بحيث نجد أن الرجال والفتيان يحسنون تأدية هذا اللون، وقد يتنافس اثنان أو أكثر في الهجاء أو المحاورة، ويكون دور الجمهور في التصفيق وإظهار الاستحسان للجيد منهما، ويتألف الميجانا من بيت شعر واحد، شطره الأول "يا ميجانا" مكررة ثلاث مرات، بينما يكون شطره الثاني من أية كلمات بشرط أن تتفق مع الشطر الأول في الوزن والقافية.
الله معاهم وين ماراحوا حبايبنا يا ميجانا يا ميجانا يا ميجانا
ويكثر في حروف الميجانا التسكين، بينما يكثر في حروف العتابا، المد والتموج وما عدا ذلك، فالميجانا كالعتابا له قواعد خاصة من حيث التزام فنِّ الجناس، كما نرى في هذا الموال من الميجانا:
قلبي من الأعماق والله حبك يا شجرة الزيتون ما أحلا حَبِّك
لاحظي لجبالك يا شجرة بلادنا مدي غصوني على جسمي وحَبِّك
ثانيًا: القصائد الشعبية (الشروقي)
الشروقي أو القصيد البدوي نوع من القصائد الشعبية الطويلة يلتزم وزنًا شعريًّا واحدًا من أول القصيدة حتى آخرها، ويمتاز هذا اللون بانتشاره الواسع في فلسطين، وشمال سيناء، وتحتوي قصيدة الشروقي على أبيات كثيرة تصل إلى المائة، ولها موضوع واحد يمهِّد له المغني بلفت انتباه السامعين بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أو غير ذلك من المقدمات:
الهاشمي ولد سيد عدنان أول كلامي في مديح محمد
نهار الإثنين وكنت أنا فرحان ليلة الثاني من ربيع الأمجد
وما يزال عندنا في بلدنا بعض من يتقنون القاء هذا النوع من القصائد سواء مما حفضوه أثناء تجوالهم في فلسطين وسيناء قبل حرب 67 فعنكم وبين ظهرانيكم
الشيخ أبو ناهض ( راتب أبو غيث ) أمد الله في عمره فلديه حصيله لابأس بها
من هذا النوع من القصائد علاوة على اجادته لألقائة ( أرجعوا اليه).. وهناك غيره الكثير فلمن يهتم بالتراث علية أن يسأل ويستقصي ويوثق تلك الثروة..
ثالثًا: الحُداء
والحداء أو الحدو يعني سَوْق الإبل وزجرها للمشي، فمن عادة أهل البادية في رحلاتهم حدو الإبل بالغناء ويعني في مناسبات مختلفة وخاصة الأعراس، ويقترب من الزجل والموشح وترافقه (سَحْجَة) - أي تصفيق على إيقاع معين، فيجتمع الرجال والنساء وينقسمون إلى صفين متقابلين في ساحة القرية والنار في الوسط، فيتحاور حدَّاءان حول موضوع معين ويصفق الجمهور في المضافة أو في ساحة أخرى، ويردد لازمة (يا حلالي يا مالي).
رابعًا: أغاني الدَّبْكة
وينافس هذا اللون من الغناء الأنواع السابقة من حيث شعبيته وشيوعه على أَلْسنة الناس وخاصة (الدلعونا).
والدلعونا عبارة عن لفظة صارت تدل على هذا اللون من الغناء، وربما اشتقت الكلمة من الدلع الذي يلازمها ترافقها الدبكة، ولعل سهولتها وقلة مقاطعها وارتباطها بالأعراس ومناسبات الفرح جعلت الجمهور يتقنها ويؤديها بمهارة.
وأنسب شيئ أورده هنا من انشودة خزاعة المزيونا لأخينا أبومالك:
على دلعونا وعلى دلعونا غيرك ياخزاعة مافي مزيونا
خامسًا: أغاني الزَّفَّة
وهذه الألوان قديمة العهد، وهي أهازيج جماعية بعضها يؤديه النساء وبعضها الآخر يؤديها الرجال، ويمتاز بالإثارة وتحريك المشاعر.
شمو لمو هالريحان بركة منه هالريحان
يازين لانك عالي لاطلع عليك بحالي
يازين لانك في السما لاطلع عليك بسلما
زين الشباب عريسنا عريسنا زين الشباب
وهكذا....
فعندما يخرج العريس في ثيابه الجميلة يحمله رفاقه وينشدون بحماسة هذه الأغاني.
روحت ياعريس على دار السلام
شندق ليلة شندق ليلة الله يعينو على هالليلة
ولا يفوتني هنا أن أترحم على روح فقيدنا أبو محمد" سلمان سالم أبو روك يرحمه الله تعالى فقد كان خير من يقود زفة العريس في بلدنا..
سادسًا: الزَّجل
والزجل أنواع عديدة منها المعنَّى والقرازة والموشح، ولكن هذه الأنواع غزيرة ومتنوعة في لبنان ويصل انتشارها في فلسطين، ولكنها تنتشر في شماله، والزجل ليس معقدًا فكل قول فيه يتكون من أربعة أشطر يتجانس الشطر الأول والثاني والرابع في كلماته الأخيرة، بينما تختلف الأخيرة في الشطر الثالث كما نرى في هذا المثال:
ما بدنا حكي طبول بدنا نحكي وبدنا نقول
وهذا الكلام المعقول بدنا نحرر بلدنا
سابعا: السامر..والدحية..
وهو عبارة صفان من الرجال تتوسطهم نار يقومون بحركات على ايقاع تصفيق معين ويبدأ عادة بجملة رايحين انقول الريدا.. ويقود الفريقين قائد يسمى رزّيع
فيبدأ الأول مثلا :
مسيك بالخير يالاقي خير مسية تعقب مسيـــــّا
فيرد عليه فريقه والفريق الآخر : رايحين انقول الريدا ودرج لفظها عند البعض "رايحاني قولي الريدا" تقريبا
وأما الابيت التي تقال في الدحية أو السامر فهي أما ثناءا على الفريق أو ذكر محاسنه أو هجاءا أحيانا وتحدي بين الفريقين.
وعندما يحتدم النزال بين الفريقين تأتي امرأة متخفية وفي يدها عصا لتنزل على السامر وتسمى النزالة أو النزيلة وكان في القديم يستمر هذا السامر في الافراح لشهرين أو ثلاثة..
التحنين : نوع نت أنواع الغناء يقال فقط في مناسبة سفر الحجاج للديار المقدسة لاداء فريضة الحج ..
ومن أمثلة مايقال : لحد المحطة ودعوني حباب .... الخ . تقولها مجموعة نساء اثناء تحضيرهن لزوادة الحاج أو الحجة...
النياحة: اذا جاز لي ان اعتبرها ضربا من ضروب الغناء فهي كانت في القديم تؤدى من مجموعة نساء بعد فقدان عزيز أو قريب ...
المراجع: الموسوعة الفلسطينية الصادرة عن هيئة الموسوعة الفلسطينية بيروت.

ليست هناك تعليقات: