تأملت مبالغة أرباب الدنيا في اتقاء الحر والبرد.
فرأيتها تعكس المقصود في باب الحكمة.
وإنما تحصل مجرد لذة ولا خير في لذة تعقب ألماً.
فأما في الحر فإنهم يشربون الماء المثلوج.
وذلك على غاية في الضرر وأهل الطب يقولون: إنه يحدث أمراضاً صعبة يظهر أثرها في وقت الشيخوخة ويضعون الخيوش المضاعفة الرقيق وهذا من حيث الحكمة مضاد ما وضعه الله تعالى.
فإنه جعل الحر لتحلل الأخلاط والبرد لجمودها فيجعلون هم جميع السنة ربيعاً فتنعكس الحكمة التي وضع الحر والبرد لها ويرجع الأذى على الأبدان.
ولا يظن سامع هذا أني آمره بملاقاة الحر والبرد.
وإنما أقول له: لا يفرط في التوقي بل يتعرض في الحر لما يحلل بعض الأخلاط إلى حد لا يؤثر في القوة.
وفي البرد بأن يصيبك منه الأمر القريب لا المؤذي فإن الحر والبرد لمصالح البدن.
وقد كان بعض الأمراء يصون نفسه من الحر والبرد أصلاً فتغيرت حالته فمات عاجلاً وقد ذكرت قصته في كتاب لقط المنافع في علم الطب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق